كتب سيث فرانتزمان أن التحركات العسكرية المصرية في شبه جزيرة سيناء تثير قلقًا إسرائيليًا متزايدًا، بينما تعمل القاهرة في الوقت نفسه على توسيع دائرة تحالفاتها الإقليمية والدولية. فقد أشارت تقارير إلى أن مصر، إلى جانب تعزيز وجودها في سيناء، نسّقت أول مناورة عسكرية مشتركة مع تركيا منذ سنوات، بالتوازي مع استمرار مناورات دورية مع الولايات المتحدة.
ذكرت جيروزاليم بوست أن التدريبات المشتركة بين مصر والولايات المتحدة تحت اسم "النجم الساطع" انعقدت أواخر أغسطس وحتى أوائل سبتمبر، وهي المرة التاسعة عشرة التي تُنظَّم فيها. لكن المألوف في هذه المناورات يقابله ما وصفته الصحيفة بأنه تطور غير عادي: تصاعد التوتر مع إسرائيل بسبب ما تعتبره تل أبيب "تعزيزًا عسكريًا مصريًا غير مسبوق" في سيناء.
أوضحت وكالة "العين" الإماراتية أن القاهرة قدّمت أول تعليق رسمي بشأن وجود قواتها في سيناء، مؤكدة أن الهدف الأساسي هو حماية الحدود من الإرهاب والتهريب، وذلك ضمن إطار التنسيق المسبق مع أطراف معاهدة السلام. وأضاف البيان أن مصر "متمسكة التزامًا مطلقًا باستمرار المعاهدات، وأنها لم تنتهك يومًا أي اتفاق أو معاهدة عبر تاريخها".
يبرز في الموقف المصري رفضٌ صريح للتوسع الإسرائيلي في غزة، خصوصًا ما يرتبط بمحاولات "إزاحة" الفلسطينيين نحو سيناء. ترى القاهرة أن دخول موجات لجوء جديدة قد يهدد استقرار المنطقة، في وقت تسعى فيه السلطات لإبقاء شبه الجزيرة هادئة بعد سنوات من نشاط الجماعات المتشددة عقب أحداث الربيع العربي، حين تحولت سيناء إلى ساحة تمرد مسلح متواصل.
أعادت مصر تأكيد رفضها القاطع لتوسيع العمليات العسكرية في غزة أو دفع الفلسطينيين إلى النزوح، وشددت على دعمها الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
من جانب آخر، أبرزت السفارة الأمريكية في القاهرة في أغسطس أن انطلاق مناورات النجم الساطع 25 بمشاركة القيادة المركزية الأمريكية والقوات المسلحة المصرية يمثّل دلالة واضحة على التزام واشنطن الدائم بالشراكة مع مصر وحلفاء آخرين لحماية الأمن المشترك.
وفي تطور إقليمي آخر، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قوات تركية ومصرية ستنفّذ تدريبات جوية وبحرية مشتركة في شرق المتوسط بين 22 و26 سبتمبر تحت اسم بحر الصداقة، وهي أول مناورة من هذا النوع منذ ثلاثة عشر عامًا.
وفيما سعت إسرائيل إلى كسب دعم الإدارة الأمريكية لمخاوفها المتعلقة بالوجود العسكري المصري، أرسلت القاهرة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الخارجية بدر عبد العاطي إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
بالتوازي، عززت القاهرة انفتاحها على باكستان. إذ التقى وزير الدولة للإنتاج الحربي محمد صلاح الدين بالسفير الباكستاني في القاهرة عامر شوكت، وأكد تطلع مصر لفتح شراكات استراتيجية جديدة مع شركات الإنتاج العسكري الباكستانية بما يخدم المصالح المشتركة.
يظهر من هذه التحركات أن مصر تتبنى سياسة مزدوجة: تعزيز دفاعاتها في سيناء ضد أي تهديد محتمل، وفي الوقت نفسه تنشيط دبلوماسيتها عبر بناء شبكة دعم تمتد من الخليج إلى تركيا وباكستان، مع الحرص على إيصال رسائلها من منبر الأمم المتحدة. الهدف النهائي يبقى واضحًا: منع انتقال نيران الحرب في غزة إلى سيناء وضمان بقاء شبه الجزيرة مستقرة، بينما تُبقي القاهرة الباب مفتوحًا لشراكات أوسع مع قوى إقليمية ودولية.
https://www.jpost.com/middle-east/article-868279